أغلقت السلطات السورية مكتب دمشق لقناة المشرق الفضائية السورية التي تبث من دبي، حيث قامت دورية من الأمن الداخلي بإخراج العاملين من المكتب فجر الأربعاء، قبل أن تبلغ العاملين بضرورة مراجعة أحد فروع الأمن في اليوم التالي، وهناك تم التحقيق مع بعضهم ثم توقيعهم على تعهد بعدم العمل مع القناة مرة أخرى، فيما ينتظر أن يخضع عدد آخر من الموظفين للتحقيق لاحقاً.
وكانت معلومات قد أشارت إلى أن القناة التي يملكها رجل الأعمال السوري غسان عبود وتبث من المدينة الإعلامية في إمارة دبي منذ 2/2/2009؛ ستقوم بإغلاق مكتبها في دمشق لأسباب مالية، ثم سرت معلومات بأن السلطات السورية ستقوم بإغلاق مكتب القناة في دمشق بعدما قام فريقها بالتصوير في أحد أسواق دمشق (سوق الصالحية الأثري) دون موافقة مسبقة، لكن القناة نفت هذه المعلومات جملة وتفصيلاً. فقبل يوم واحد من إغلاق مكتب دمشق، نفى مدير إدارة الإنتاج محمد رامي الجندي عزم السلطات إغلاقه، مشيراً إلى ان الإشكال الذي حدث "ناتج عن التصوير في إحدى أسواق دمشق بدون موافقة. الأمر الذي أدى لاستدعائه من السلطات السورية لتحقيق في أسباب عدم الحصول على موافقة قبل التصوير".
كما سبق أن أصدرت إدارة القناة بياناً نفت فيه وجود أي خطط لديها لتصفية أعمالها في دمشق، سواء الإخبارية أو الفنية البرامجية أو الدرامية، وقالت إنه على العكس من ذلك تعتزم المحطة تطوير عملها بعد الانتهاء من الحصول على التراخيص اللازمة. وأشار البيان إلى مقالات حاولت تأليب الجهات الرسمية على قناة المشرق، عبر وتحريف أو تعديل أو إخراج بعض تصريحات مسؤوليها خارج سياقها. وقال البيان إنه في بعض الأحيان "كان المصدر واحداً ولكنه عمل باجتهاد للإضرار بقناة المشرق".
وكان مالك القناة قد كتب مقالاً نشره موقع القناة الالكتروني هاجم فيه من أسماهم "النخب الإعلامية" في سورية الذين قال إنهم انشغلوا في محاولة تصنيف قناة والجهة المحسوبة عليها. لكن عبود في في الجزء الثاني من مقاله الذي حمل عنوان" تلفزيون المشرق.. حكاية الإعلام الخاص" رد على الحملة التي طالته بعد الجزء الاول من مقاله، متهماً منتقديه بأنهم كتبة تقارير أمنية. بل إن عبود أشار إلى أن هناك في سورية من يسعى لتعطيل تجربته إذا لم يكونوا شركاء فيها. وقال: "نعم فهؤلاء يمارسون على تجربة المشرق مقولة: يا فيها يا بخفيها".
وكانت معلومات صحفية قد أشارت إلى أن ممثلين عن قناة "نينار" التي يملكها رجل الأعمال السوري رامي مخلوف وستبدأ بثها قريباً؛ قد عرضوا "التعاون وتقديم المساعدة" لتلفزيون المشرق الذي قيل إنه واجه مشاكل مالية بسبب ضعف إيرادات الإعلان.
وقد اكدت قناة المشرق في بيانها قبل إغلاق مكتبها في دمشق أنها "تلقت بالفعل عددا من عروض التعاون من قبل تلفزيونات وإذاعات وصحف ومواقع الكترونية... وإدارة المشرق قامت بدورها بتقديم عروض مماثلة، وهي الآن تدرس هذه العروض بروح إيجابية جدا بما يخدم الإعلام العربي والسوري خصوصا لضمان قدرته على المنافسة ولتخفيف التكاليف".
من جهته، ذكر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في سورية أن "عناصر أمنية (قاموا) في الساعة الواحدة والنصف من صبيحة يوم الأربعاء بإبلاغ الموظفين المتواجدين في مكتب القناة بأمر إغلاق المكتب وطلبت منهم مغادرة المكتب على الفور، وتبلغ كل من مدير المكتب السيد جميل سماق ومدير إدارة الإنتاج السيد محمد رامي الجندي ضرورة مراجعة الجهة الأمنية في الصباح فيما أشارت مصادر خاصة للمركز أن أكثر من 15 إعلامي من العاملين في المكتب مطلوبين للتحقيق من بينهم مراسلين ومعدي برامج وبعض من العاملين في قسم المونتاج دون إيضاح الأسباب الموجبة لذلك".
وكانت السلطات السورية قد منعت فريق القناة يوم أمس الثلاثاء من التصوير في سوق الصالحية بدمشق بسبب عدم وجود موافقة مسبقة على التصوير، وتم على إثرها استدعاء مدير إدارة الإنتاج محمد رامي الجندي إلى أحد أجهزة الأمن للتحقيق في أسباب قيام الفريق بالتصوير بدون الحصول على موافقة.
وأشار المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في سورية؛ إلى أن "قناة المشرق الفضائية تتعرض منذ فترة لحملة إعلامية من قبل بعض المواقع الإخبارية التي "بشرت" بإغلاق مكتبها في دمشق وروجت أخبار عن مصاعب مالية وإدارية تواجه المحطة وصل الأمر في بعضها إلى حد استعداء السلطات الرسمية السورية على المحطة وعلى إدارتها، بعد أن تحدث رئيس تحرير المحطة غسان عبود عن بعض نواحي تجربته الإعلامية في سورية فظرت مانشيتات من قبيل (عبود يتهم النخب السياسية والمؤسسات الرسمية بالغباء) و(القناة في طريقا إلى الهاوية ويجب على وزير الإعلام إغلاق المكتب) و(أطلّ علينا غسان عبود صاحب تلفزيون المشرق بخطاب وبيان خوّن بموجبه النخب الإعلامية والسياسية في سورية) و(تصفية تلفزيون المشرق الخاص في دمشق) مما استوجب رد المحطة بالنفي بشكل رسمي على موقعها الالكتروني".
وشدد المركز على ضرورة "وضع رؤية وضمانات قانونية واضحة المعالم للمؤسسات الإعلامية الخاصة في سورية من اجل وضع حد لاستباحة الحريات الإعلامية وحماية هذا القطاع الحيوي من الاستنزاف الممنهج الذي يتعرض له منذ إنهاء احتكار الدولة لوسائل الإعلام في عام 2001".
من جهتها، ذكرت مصادر إعلامية بإغلاق قنوات تلفزيونية في سورية في أوقات سابقة، مشيرة إلى أن طريقة إغلاق مكتب قناة المشرق يذكر بطريقة إغلاق قناة الدعوة السورية التي لم يستمر بثها أكثر من ثلاثة أشهر قبل أن تقوم السلطات بإغلاقها. فقد قامت السلطات أيضاً بالطلب من القائمين على قناة الدعوة بالتوقيع على إقرار في أحد فروع الأمن بأنهم أخطأوا في الاقدام على العمل في المحطة والمساهمة في انطلاقها، وانهم "بدون اكراه" سيوقفون العمل. وكان من أبرز الموقعين على هذا التعهد صاحب شركة الهزار للانتاج الفني عمار الرفاعي، ابن الداعية الشيخ سارية الرفاعي. وتمت حينها مصادرة كل الاجهزة الفنية والمعدات والارشيف ولم يبق للهزار سوى اسمها الذي ألغي حتى من السجل التجاري.
واللافت أن القائمين على قناة المشرق قاموا بسحب جميع الأجهزة والمعدات والأرشيف من مكتبها في دمشق خوفاً من مصادرتها كما حصل مع قناة الدعوة.
لكن المصادر الإعلامية ذاتها أشارت إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان التعهد الذي وقعه العاملون في قناة المشرق بعدم العمل فيها مستقبلاً؛ يشمل مقرها الرئيسي في دبي أيضاً أم مكتبها في دمشق فقط.
من جهتها، نقلت نشرة كلنا شركاء الالكترونية السورية عن مقربين من قناة المشرق بأن أحد أسباب إغلاق مكتبها في دمشق هو انتقاد مالك للنخب الإعلامية والسياسية في سورية، إضافة إلى عدم تلبيته رغبة وزير الإعلام السوري محسن بلال بعدم بث احدى حلقات برامج القناة والخاص بمساءلة الوزير حيث اصرت القناة على بثه مما اثار غضبه الشديد عليها، هذا علاوة على حلقة الفنان عباس النوري الاخيرة.
وقبل قناة المشرق والدعوة، كان إغلاق قناة "شام" التي كانت تبث المنطقة الحرة في سورية، ولكن بطريقة أقل حدة.
وبعد إغلاق محطة شام ثم مكتب قناة المشرق في دمشق، وهو ما يعني احتمال وقف القناة نهائياً لان عملها كان يعتمد بشكل أساسي على المكتب في دمشق بوصفها قناة سورية تبث من دبي، تبقى في سورية قناة فضائية خاصة هي قناة الدنيا التي يملكها مقربون من الحكومة السورية وتعبر عن مواقفها وإن بشكل غير رسمي.
منع توزيع مجلة بسبب "الفيس بوك":
وفي شأن متصل، منعت وزارة الإعلام السورية توزيع عدد تموز/ يويو (العدد 49) من مجلة "شباب لك" الخاصة، وذلك بقرار شفهي موجه إلى المؤسسة العامة لتوزيع المطبوعات، لينضم بذلك هذا العدد إلى الأعداد الثلاثة السابقة من هذه المجلة التي كانت وزارة الإعلام السورية قد قامت بمنع توزيعها.
وقال المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في سورية إن سبب منع توزيع عدد المجلة يعود هذه المرة إلى طرحها موضوع حجب موقع الفيس بوك (www.facebook.com) في سورية على صفحاتها، حيث إنها أوردت في سياق طرح الموضوع وجهة النظر الحكومية والتي عبرت عنها الدكتورة بثينة شعبان المستشارة الإعلامية للسيد رئيس الجمهورية "أن بعضاً من الشباب السوري يقوم بفتح قنوات حوارية مع شبان إسرائيليين وهو ما ترضى عنه الحكومة السورية".
وموقع الفيس بوك هو موقع تواصل اجتماعي مجاني تم حجبه في سورية بتاريخ 26/11/2007 ورغم ذلك يشترك فيه آلاف السوريين الذين يجدون فيه مساحة حرة للتعبير عن آرائهم.
وذكر المركز أن مجموعة من الشباب السوري أطلق على صفحات الموقع في الأيام الأخيرة نداء إلى الرئيس السوري بشار الأسد من أجل رفع الحجب عن الموقع. وقد بلغ عدد المنضمين إلى "بيان لتحرير موقع الفيس بوك من الحجب في سورية – موجه للسيد الرئيس بشار الأسد" 752 مشتركاً حتى الآن.
عدل سابقا من قبل سفير سوريا في الإثنين سبتمبر 07, 2009 1:17 am عدل 6 مرات