كان أملنا كمشاهدين أن تنطلق فضائية «المشرق» في عامها الثاني بمجموعة من البرامج والمواد الإعلامية، وتحقق حضوراً أقوى من ذلك الذي انطلقت فيه. لكن للأسف، كل ما فعلته أن خلعت رداءها السوري رغماً عنها، وهو رداء تحتاج اليه الفضائية لتستطيع المنافسة. فلولا الهوية التي كانت تحملها في برامجها، لما حجزت لها حضوراً طيباً بين المشاهدين. ويبدو ان قرار إغلاق مكتبها في دمشق (لم تعرف حقيقته حتى يومنا هذا) الذي كانت تعدّ وتنتج فيه برامجها المميزة ذات الهوية السورية التي عرضتها الفضائية في عامها الأول، أجبرها على أن تعيد برامج ومواد إعلامية سبق لها أن عرضتها، لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور، إلى درجة دفعت المشاهد إلى الملل الحاد. لم تحمل الفضائية بما قدمته من برامج منذ انطلاقتها الجديدة منذ أسبوعين تميزاً ما، لأن ما يشابهه أكثر من أن يحصى على فضائيات عربية أخرى. كما غابت عنها النكهة الخاصة والمختلفة التي تحققت سابقاً والتي لاحظها المشاهد السوري، تحديداً عندما حملت فارقاً عن برامج محطات التلفزيون الحكومي، سواء بطريقة الإعداد والمادة البصرية التي تنفذ بها أو المواضيع التي طرحت فيها والتي حرصت على ان تمس جانبا كبيرا من شرائح واسعة من المشاهدين السوريين.(ربما لم يكن يتم الالتفات إليها لأنها ليست في صالح الذين يعملون بحكم الوظيفة والواسطة لا بحكم الموهبة والجدارة؟). هنا يبرز برنامج «سوبر برس» الذي عالج قضايا الإعلام وقوانينه ومعوقات تطويره والمقترحات التي تسهم فيه. كما لم يكن برنامج «الآخرون» المعرّب بالتأكيد عن نسخة أجنبية سوى مناسبة في القناة لتقديم معاناة الأفراد الذين يمتهنون المهن التي تؤمن لنا الحاجات الأساسية من طعامنا، فكانت طريقة الفضائية لتعرّف الأجيال الشابة بشكل غير مباشر الى مهن في المجتمع تستحق الاحترام بعدما كانت اختصاصات الهندسة والطب الشغل الشاغل للإعلام الحكومي والمناهج التربوية طوال سنوات .
بعد العام الأول والحضور القوي للفضائية في الشارع السوري، يقول مالكها غسان عبود في حفل إشعال شمعتها الثانية إنها «شبابية» التوجّه، لكن الواقع الفضائي لا يشير إلى سبق إعلامي أو تميّز فيه، فهذا ما حققته منذ سنتين فضائية «أوتي في» المصرية مثلاً. فأين التمييز الذي ادّعته «المشرق» وبرامجها التي بدأت بعرضها لا تشير إلى ذلك؟ حالياً يبدو ان المشرق تمضي بتقليد تجربة «أو تي في» المصرية (كما عندما قررت عرض أفلام أوروبية لا أميركية). كأنها تبحث عن ثوب بعدما فقدت رداءها.
المصدر: نضال بشارة - السفير